منتدي القديس اباسخيرون القليني
أهلاً وسهلا بك في منتديات القديس اباسخيرون القليني أسعدنا تواجدك بيننا على أمل أن تستمتع وتستفيد وننتظر مشاركاتك وتفاعلك فمرحباً بك بين أخواتك
منتدي القديس اباسخيرون القليني
أهلاً وسهلا بك في منتديات القديس اباسخيرون القليني أسعدنا تواجدك بيننا على أمل أن تستمتع وتستفيد وننتظر مشاركاتك وتفاعلك فمرحباً بك بين أخواتك
منتدي القديس اباسخيرون القليني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي القديس اباسخيرون القليني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاعتراف بالمسيح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
maro magdy
Admin
Admin
maro magdy


عدد المساهمات : 1020
نقاط : 57419
تاريخ التسجيل : 11/10/2010
العمر : 34

الاعتراف بالمسيح Empty
مُساهمةموضوع: الاعتراف بالمسيح   الاعتراف بالمسيح Icon_minitimeالأحد يناير 02, 2011 7:39 pm

الاعتراف بالمسيح
هو أعظم عمل يعمله الإنسان(*) (مت 10: 24-39)

24:10و25 «لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ([1])، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!»


إذا كان المعلِّم لم يوقَّر فالتلميذ لن يُحترم. ولهذا إن كان التلميذ أو العبد يُعامل باحتقار فهذا ليس مستغرباً، إن كان المعلِّم والسيد أُهين وسُلبت كرامته. وواضح من الآية أنه إن كانوا قد لقَّبوا المسيح أنه أداة في يد الشيطان فيكفي أن يُقال على التلاميذ بالمثل. ولكن، وعلى هذا الأساس، نأتي إلى الإيجابيات، فإن كان التلاميذ والعبيد هكذا ارتبطوا بالمعلِّم والسيد وصار لهم نفس المعاملة والنصيب من الأعداء، فيتحتَّم أن يكون بالمثل لهم الحماية والولاية من الله كما المعلِّم والسيد. إذن وبالتالي وحتماً، أصبح عليهم أن لا يخافوا أعداءهم.

26:10و27 «فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. الَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ».

فلا تخافوا الأقوياء والرؤساء والمعاندين، لأن علاقة كل منكم كتلميذ وعبد بالمعلِّم والسيد تجعلكم كما كنتم شركاء له في لقب الإهانة ببعلزبول سيكون هو مسئولاً عنكم، ومسئوليته تتعدَّى راحة الجسد إلى راحة النفس، سواء هنا أو عنده في ملكوته. فتهديدهم ووعيدهم لا يتعدَّى الجسد. إذن، فهذا لا ينبغي أن يخيفكم. كذلك إن كانوا يدبِّرون الخطط في الخفاء لاضطهادكم وتعذيبكم فسوف تُعرف تلك الخطط وسيقدِّمون عنها حساباً لدى الله.

لذلك إن كرزتم بدون خوف من أحد فلا تكتموا شيئاً، فكل ما عُلِّمتم علِّموا به. فالأمور الخاصة التي كنت أقولها لكم في الأُذن فيما يخص مجيء المسيَّا علِّموا بها علناً وجهاراً ونهاراً.

مكتوم: kekalummnon وتعني: ”مُغطَّى“. لذلك تأتي كلمة ”يُعلن“ بمعنى ”يكشف“ ¢pokalufqsetai.

مخفى: kruptn وتعني: ”سرِّي“، ويأتي في مقابلها كلمة ”يُعرف“ ginwsqsetai.

28:10 «وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ».

هنا كشف أخير لمعنى الكرازة باسم المسيح والملكوت. فهي دعوة إلى الحياة الأبدية التي لا يعرفها العالم. لذلك أصبح من غير المعقول لخادم أو كارز الملكوت والحياة الأبدية أن يخاف لئلاَّ يُقتل، لأن الجسد خارج عن موضوع الحياة الأبدية والملكوت. فلا خوف على الجسد، بل الجسد مُقدَّم عند اللزوم ثمناً للحياة الأبدية بجملته، فأصبح عدم الخوف من قتل الجسد أساساً لعدم الخوف من الذين يهدِّدون بالقتل، وليس في أيديهم بعد ذلك أن يعوِّقوا دخول الملكوت والحياة الأبدية. وهنا أصبح الخوف الحقيقي محصوراً في الذي في يده أن يحرم النفس من الحياة الأبدية. فالذي لا يخاف مِن الذين يقتلون الجسد هو أسد الله، هو يخيف بالروح ولا يخاف بالجسد.

29:10-31 «أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا. أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ».

انتهينا من الآية السابقة بأن الله أبقى لنا حياة النفس مضمونة عنده وفي مجده إزاء خدمة الملكوت وتمجيد اسمه. ويجيء هنا ليصف أن عصفورة واحدة لا تقع على الأرض أو تموت بدون أبيكم، فإن كانت هكذا العصافير وهي تافهة القيمة حيث يُباع عصفوران بفلس واحد، أو عند القديس لوقا الخمسة بفلسين على أساس واحدة فوق البيعة بالجملة، نعم إن كانت هكذا تافهة في نظركم وتقديركم، ولكن عند الآب عصفورة واحدة لا تقع على الأرض بدون أبيكم([2]). فكم يكون بالحري إنسان كارز بالملكوت، وهو بالضرورة مواطن سماوي مكتوب اسمه في سفر الحياة، هل يُقتل بدون إذن أبيكم؟ وعليه تكون حياتكم على الأرض محسوباً عدد أيامها ومحدَّداً يوم رحيلها، وبالتالي فهي ثمينة عند الله وذات قيمة عالية، هي قيمة اسمه وملكوته الذي نخدمه ونباركه ونحيا له ومن أجله. فإن كان موتنا محسوباً هكذا ومكرَّماً، فكيف نخاف مِنْ قاتلينا أو نرهب الموت، والموت يُحضرنا في اللحظة والتو إلى حضرة الآب في السماء!

«وأمَّا أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة»:

والمعنى أنه ليست أجسادكم ونفوسكم معروفة ومحسوبة أيامها ومستقبلها أمام الله وحسب، بل وحتى شعور رؤوسكم محصاة. فالذي على دراية دائمة بعدد شعور رؤوسنا، هل يغيب عنه عدد أيام حياتنا على الأرض، أو مستقبل حياتنا عنده؟ أمَّا كيف يعرف الله عدد شعور رؤوسنا فهذا هو علاقة الخالق بما خلق: متى يولد ومتى يموت، يحيا وينمو ويتطوَّر، يزيد فيه ما يزيد وينقص فيه ما ينقص، كل حركة لها أصلها عنده، فهي متصلة به اتصالها بالإنسان. لأن الإنسان بجملته يحيا ويتحرَّك ويوجد به. فانظر نازفة الدم كيف لمَّا لمست هُدْب ثوبه بدون معرفته أحس بقوة خرجت منه! إذن، فحركة نزيف هذه المرأة كان لها اتصال بالمسيح بنوع ما من الشعور! إذن، كيف يموت إنسان يكرز باسمه لحساب ملكوته دون علمه، بل دون شعوره وإحساسه، بل دون ألم منه؟ اسمع ما قاله المسيح لشاول لمَّا دعاه للتوبة وهو يقتل أولاده ويضرب النساء ويجرّهن إلى السجن والموت، اسمع ما قاله تعليقاً على أعماله هذه: «شاول شاول لماذا تضطهدني»؟ (أع 4:9). أليس هذا معناه أن كل معاناة أولاده كانت كأنها عليه، كأنها في جسده، وكان يتألَّم بألم هؤلاء الأمناء لاسمه؟

تأكيد كرامة المعترف:

32:10و33 «فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضاً قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ».

لا زلنا في آثار الخوف الذي إذا استسلم له الكارز انتهى به إلى إنكار المسيح كما خاف بطرس من الجارية أو بالتالي من الحكم أو الموت. وهنا يظهر الكارز الواثق من حياته الأبدية من الكارز الذي يكرز عن موضوع اختاره لنفسه كمهنة يأكل منها عيشه أو ينتفع بها من أجل كرامة بين الناس، فالحياة الأبدية ليست شغله الشاغل وليست هي جوهر كرازته. فهو إن انحرف بالهدف ضاع منه شخص المسيح صاحب الحياة الأبدية الذي يكرز باسمه، وأصبح من السهل أن ينكره، لأنه لم يضع في قرارة قلبه وفكره وإيمانه أنه سيذهب لمقابلته فوق. وهنا يضع المسيح الأساس القوي الذي يقف عليه الكارز أثناء ما يكرز بالملكوت، وهو الإيمان والثقة المطلقة بالمسيح حاضراً أمامه سامعاً دفاعه، وفي حضرته هو يعيش ويحيا ويتحرَّك، وليس فقط هو الديَّان الذي ستنتهي الحياة أمامه رفضاً أو قبولاً، بل هو الذي يمد الحياة الآن أياماً وساعات ودقائق لتكميل رسالة الخلاص التي تكرَّس الكارز لحسابها.

يا آدم «أين أنت»؟ (تك 9:3). لمَّا أنكر آدم الله برفضه وصيته دخله الخوف واختبأ من وجهه، فقد ضاع منه إحساسه ببنوَّته لله وصار غريباً عنده. إذن هي فرصة جديدة لآدم في شخص أولاده الذين تبنَّاهم المسيح لنفسه ليكونوا أولاد الله، بأن يعترفوا بالله في شخص المسيح لضمان العودة إلى حضرته، لمسح عار أبينا الأول، حاملين اعترافنا في قلبنا وبروحنا للمسيح والله حتى الموت. وهنا كلمة ”حتى الموت“ لازمة من لوازم شرط الاعتراف، لأننا بالموت سنصعد للتوّ!!

فإذا سألتني: ما هو أعظم عمل يعمله الإنسان في حياته على الأرض؟ تصير الإجابة من واقع ما قلنا أنه هو الاعتراف بالمسيح والتمسُّك بالاعتراف بالمسيح حتى الموت، لأن به نفوز باعتراف المسيح بنا أمام أبيه. وهذا أعظم ما نفوز به، فهي بمثابة عودة إلى الفردوس.

34:10-36 «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ».

السيف هنا في إنجيل القديس متى جاء في إنجيل القديس لوقا (51:12) ”انقساماً“. فهو، إذن، سيف الحق الذي يصرع المنافق، وهكذا تبدأ الفُرْقة بسقوط المنافق الرافض للحق وقيامة البار والمتمسِّك بالحق. ليس أداة حرب وعراك بل فرقة، وإذا بلغت الفرقة حد الشدة والخطورة غير المعقولة اعتُبـِرت أنها كالسيف، كالأمر الذي يفرِّق الابن من أبيه كما سيأتي.

هنا يقدِّم المسيح حقيقة تائهة لا تصدَّق، لأنه محسوب أنه رئيس السلام، فكيف يكون أنه جاء يُلقي سيفاً عوض السلام؟ هنا السيف سيف الحق، هذه الحقيقة التائهة، قدَّم لها بالآيات السابقة: «تكونون مُبغضين من الجميع من أجل اسمي». فاسم المسيح (الحق) الحلو المملوء سلاماً ومجداً، هكذا بسببه يكون المبشِّرون به موضع بغضة أليمة وقاتلة عند الذين يرفضون الاسم. فهنا العداوة والبغضة تولد حينما يولد النداء بالاسم! وهي العلامة التي تنبَّأ عنها سمعان الشيخ عندما حمل يسوع الطفل على يديه: «وقال لمريم أُمه ها إن هذا قد وُضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامةٍ تُقاوَم.» (لو 34:2)

ويُلاحِظ القارئ هنا أن سمعان الحكيم النبي قدَّم الذين ”يسقطون“ على الذين ” يقومون“ لأنهم هم الذين يصرعهم سيف الحق. فالمحصِّلة لميلاد السلام على الأرض وبين الناس كان ميلاد البغضة والعداوة والسقوط. لأنه يمثل الحق، والحق غريب في عالم الكذب والرياء والباطل والإثم، ويمثل النور الحقيقي في عالم يعيش في ظلمة البُعْد عن المعرفة الحقيقية الخالدة، ويمثل القداسة في عالم يعيش الإباحية والنجاسة والتمرُّد على كل ما هو طاهر. والذين يحبُّون الحق ويعيشونه قِلَّة في هذا الدهر، والذين انفتحت قلوبهم ومعرفتهم للدائم الخالد غير المتغيِّر قِلَّة كذلك. أمَّا الذين يطلبون ما هو قدوس وطاهر في هذا العالم فهم أكثر قِلَّة وندرة. من هذه النسبة غير المتوازنة رفعت البغضة والعداوة والاضطهاد القاتل قرنها وجلست على كراسي الأباطرة والملوك والولاة والرؤساء والحكام. وأخذت في طريقها السنهدرين واللاويين والشيوخ وأئمَّة الرياسة والحكام والحكمة في إسرائيل حيث وُلِد الحق، فكانوا أول مَنْ ذبحوه. وهكذا قصة ميلاد معرفة يسوع المسيح في كل مدينة وقرية على وجه الأرض تولِّد معها البغضة نفسها وارتفاع مقدار العداوة القاتلة حتى تسحق هذا الميلاد الغريب عن هذا الدهر. أمَّا لماذا وُضعت النبوَّة في فم سمعان الشيخ السقوط قبل القيام، فلأن المسيح جاء أساساً ليُقاوِم ويَضطهد ويقتل الكذب والغش والجهالة والنجاسة وكل ما هو تافه في هذا العالم. المسيح هو البادئ بالعداوة والبغضة والقتل، فالسقوط سببه المسيح وليس العالم، سببه الحق وليس الباطل، سببه النور وليس الظلمة، والقداسة وليست النجاسة!

فكيف ندين العالم والظلمة والباطل والقسوة المجنونة في العالم، والمسيح جاء أصلاً ليدين هذه كلها؟ المسيح جاء ليضع هذه كلها تحت الوعد والتصميم للقضاء عليها، فهي مهدَّدة بالفناء، لذلك تحارب من أجل البقاء بالكذب والسيادة الكاذبة لعلَّها تفلت من المصير المشئوم. انظر إلى الليل القاتم وانظر إلى شروق النور وكيف يبدِّد فلول الظلام الهاربة من أمامه، إنه يكتسحها اكتساحاً، فإن تأخَّر النور أو غابت الشمس استبدَّت الظلمة وأكَّدت وجودها الكاذب الوقتي الذي مآله حتماً إلى زوال.

وهكذا وبين الأخين يوجد مَنْ يتبع النور ومَنْ يتمسَّك بالظلام، وهنا الشقاق والخصومة والعداوة والقتل، ولكن يستحيل أن يكون النور هو القاتل بل الظلمة الحاقدة على النور، ولكن النور لا يموت، الظلمة تموت والنور يُولد من جديد دائماً لأنه هو الباقي إلى الأبد. هكذا الأمر في كل بيت وفي كل مدينة وقرية وركن من هذا العالم، النور يولد وعمله الوحيد والأساسي أن ينهي على الظلمة والظلمة تقوم وتقتله، ولكنها بقتلها للنور تحكم على نفسها بالفناء. على هذا الضوء يقول المسيح لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد (لأنه زائل أصلاً) أمَّا النفس فهي بنت النور وباقية إلى الأبد بقاء النور الأزلي (انظر تقديمنا لمعنى ”النور والظلام“ في كتاب: ”شرح إنجيل القديس لوقا“، صفحة 495).

وليس للنور مهادنة مع الظلمة وإلاَّ فإنه يفني نفسه بنفسه!

ولكن أحبوا أعداءكم!! أمَّا الظلمة فلا تحبوها!

فالنور يتعقَّب الظلمة ولكن ليس الظالمين.

37:10 «مَنْ أَحَبَّ أَباً أَو أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْناً أَوْ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي».

كيان الأسرة أصلاً هو لحساب العالم، فالتوجيه الذي استلمه الإنسان الأول هو هكذا: «فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه. ذكراً وأُنثى خلقهم وباركهم الله وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الأرض» (تك 1: 27و28). لذلك فكل العواطف الأُسريَّة للأب والأُم والأولاد وتمسُّكهم ببعضهم البعض إلى أقصى درجة هو أصلاً لقيام العالم وملء الأرض وضماناً لعدم فناء الجنس البشري. ولكن المسيح جاء - آدم الثاني الجديد - ليصنع من الإنسان الجديد ككلٍّ، أسرة سماوية لحياة أخرى أبدية، تعلُّقها الفردي مع المسيح أبي الحياة وهو الحياة، وتعلُّقها معاً لحساب أسرة المسيح رب ”البيت“ الكنيسة ملكوت الله! هناك الجذب الشديد من الأسرة لحساب الجنس البشري ودوامه في العالم للعالم، وهنا الجذب الشديد من المسيح والكنيسة لحساب المسيح والله والحياة الأبدية للإنسان الجديد. ولكن المسيح لم يأتِ ليلغي الأسرة في العالم أو العالم، ولا الجذب داخل الأسرة الذي يحفظ النوع وجنس البشرية، ولكن جاء ليجعل لها كياناً جديداً سماوياً تنتقل إليه بكل كيانها البشري الأُسري. أمَّا إن تخلَّف عضو في الأسرة أو أكثر ورفض النزوع إلى فوق، إلى الحياة الأبدية بالالتصاق بالمسيح والروح، وتعصَّب لغرائزه الأسرية لحساب كيان العالم والالتصاق بالعالم دون الامتداد إلى فوق، هنا وجبت التضحية بالعلاقة بهذا العضو مهما كان أباً أو أُمًّا أو أخاً أو أختاً أو زوجة أو أولاداً!! الأسرة والعالم أولاً، ولكن ثانياً الحياة الأبدية والمسيح والله، بحيث لو ”أولاً“ تشبثت بالأرض دون ”ثانياً“ السماء، وجب التضحية ”بأولاً“.

العاطفة البشرية وغرائز الطبيعة في الإنسان هامة جداً وهي قوام الحياة السويَّة، ولكن بعد أن افتتح المسيح للإنسان حياة جديدة وأسرة جديدة فوق، أصبح امتداد الأسرة بعد نضوجها الطبيعي الغرائزي ليس ناحية العالم وإلاَّ فهي تجري نحو الفناء والزوال، وإنما امتدادها الهام جداً هو نحو المسيح والحياة الأبدية، الذي يضمن لكل فرد فيها الخلود والدوام والسعادة الأبدية. فشعار المسيح والمسيحية: «أمَّا أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة (أبدية) وليكون لهم أفضل (سماوياً).» (يو 10:10)

38:10 «وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي».

الصليب هنا علامة التضحية والبذل، التضحية بالذات وكل ما يشدها إلى الأرض والعالم والأسرة، وبكل العواطف والغرائز التي تطالب بمزيد من استقلال الذات وتنعيمها أو راحتها أو إعزازها وكرامتها ومجدها. هذه كلها تشدُّ الإنسان إلى العالم والأسرة والمال ومسرَّات هذا الدهر. وبمقتضى ما سبق وشرحنا، فإن المسيح قد جاء ليهب الإنسان بكل غرائزه الطبيعية وآماله وطموحاته حياة أفضل، ليس في هذا العالم ولا لحساب الجسد أو الذات المربوطة بالجسد. فانفتاح مجال الروح والحياة الأبدية هو انفتاح لغرائز الإنسان وآماله وطموحاته للامتداد في المجال الروحي لإشباع القلب والروح بأكثر مما يعطي أو يهب. فامتداد الإنسان في العالم بكل كيانه المادي وغرائزه محدود وينتهي إلى الصفر ثم العدم! أمَّا امتداد الإنسان بكل كيانه الروحي وغرائزه نحو الروح والمسيح والحياة الأبدية هو امتداد لا يضعف ولا ينتهي. بمعنى أن المسيح لم يأتِ ليحرم الإنسان من نموه وامتداده وإسعاده، بل على العكس تماماً فهو قد جاء ليفتح له المجال الذي لا يضيق به، بل يتسع له باتساعه ويمتد به بأكثر من امتداده ضماناً لحياته الممتدة مع الله في الأبدية. فحياة الإنسان بأعظم ما فيها إنما تنتهي بالقبر، أمَّا مع المسيح وبالروح فهي إنما تنتهي بما لا ينتهي، بالله.

ولكن شدة الجذب الذي يعانيه الإنسان المنطلق بالروح نحو الله - ممسكاً بالمسيح والإنجيل ونداء الروح - من حب العالم وغرائز الأسرة والمتعة الوهمية في الأرض، تبلغ في عنفها إلى حد التمزُّق وكأنه صلب الذات. المسيح يُدرك هذا مقدّماً ويقول: نعم خذ صليبك هذا وتعالَ اتبعني، وإلاَّ فلن تستحق الحياة الأبدية وملكوت الله! فالخلود له ثمن: التضحية بالزائل الفاني!! والسماء والحياة الأبدية لها ثمن: احتقار الأرض وأباطيل العالم. وعِشرة القديسين في أسرة المسيح لها ثمن: التضحية بغرائز الأسرة والصداقات الوهمية المتغيِّرة الفانية. ومواجهة هذا التوتر والجذب بين قطبي العالم والله، الجسد والروح، الأسرة والسماء، هو صليب الإنسان في هذا العالم. فإذا لم يحمله الإنسان بوعي قاطع ومسرَّة فلن يستحق الخلاص والتبنِّي والمصالحة مع الله في المسيح، وتصير له مجرَّد آمال وأماني ورجاء غير محقَّق.

أمَّا الفارق بين صليب الإنسان وصليب المسيح، فالأول إماتة والثاني موت!

وعجيب أن يُحسب صليب الإماتة عن العالم مساوياً ومستحقاً لصليب الموت الذي للمسيح!!

إلى الدرجة التي يُقال فيها عن إنسان يمارس إماتة الذات إنه مات عن العالم!

بهذا نفهم قول المسيح إنه إن لم يأخذ الإنسان (بإرادته) صليبه ويتبعني فلا يستحقني!

ولكن لا نستطيع أن نغفل حق الذين يحملون صليب الاضطهاد من أجل المسيح، ويُعانون من الظلم والحرمان في أموالهم وصحتهم وسلب حقوقهم، ويحتملون بشكر وفرح، فهذا ليس من أجل صليب المسيح بل هو صليب المسيح!

39:10 «مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا».

لقد جمع المسيح جماع كل ما قلناه عن جذب هذا العالم الشديد للجسد والغرائز والشهوات والمسرَّات والغِنَى والأملاك والبنين والبنات، وبالاختصار بهجة الحياة الأرضية، جمعها كلها في كلمة واحدة وقال: «من وجد حياته». إذ يتهيَّأ للإنسان أن حياته أخذت كل وجودها وأمانيها، ولكن الحقيقة أن هذه كلها أخذت حياته وسلبتها وجودها، ونهايتها إلى القبر والفناء. مع أن الذي عمله المسيح هو أنه أعطى الإنسان هذه كلها، وفوقها ضَمَن له حياته الحقيقية أي الحياة الأبدية، أمَّا هذه المتعلِّقات كلها فستزول وتفنى أمَّا حياته فتبقى.

والفرق بين الاثنين طفيف للغاية ولكن أثره لا يمكن أن يُقدَّر! فالذي جعل حياته ثمناً للمتعة والمال والأملاك والتمتُّع بالأسرة، فحياته الأرضية تذهب بذهابها كأمور مادية مآلها إلى الفناء، ولكن الذي أمَّن على حياته أولاً عند المسيح وصار مواطناً سماوياً، فهذه الأمور كلها - أي متعلقات العالم والجسد وحياة الأرض - لا يُحرم منها، إلاَّ أنه لا يدعها تحرمه من حياته الأبدية وعلاقته مع المسيح. فالروح والروحيات والإنجيل والكنيسة والخدمة والبذل هي حياته الحقيقية، أو حياته الأبدية، فلها الأهمية القصوى. أمَّا متعلقاته بالعالم والأسرة والمال والأملاك فهي في نظره إنما تخدم حياته الحقيقية. وحينئذ يُقال عنه بجهالة: [فلان ضيَّع حياته في الجري وراء الكنيسة والخدمة والوعظ، كل ما له رايح على الفقراء، وكل صحته ضيَّعها في الخدمة واللف على البيوت والأُسَر وخدمة الشبان ومن بلد لبلد، وعمره ما هنَّى نفسه بقعدة في وسط ولاده ومراته]. فإذا سألته: هل حقـًّا ما يُقال عنك، يكون ردّه أنا أسعد إنسان في الوجود، فالمسيح هو حياتي وأنا لم أخسر شيئاً وأُحب أسرتي وأولادي وزوجتي في عينيَّ!! «مَنْ أضاع حياته من أجلي يجدها»!! والآخر أيضاً: [خيَّب حياته وأحزن أباه وأُمه وعائلته وراح اترهبن ولبس أسود، ومسكين مات عن الدنيا]، فإذا سألته، قال لك أنا أسعد إنسان في الوجود، أنا قد وجدت المسيح وكفاني، أنا بعت العالم واشتريت اللي اشتراني بدمه!! «مَنْ أضاع حياته من أجلي يجدها»! وطبعاً يكلِّلها من يفرِّط في حياته الدنيا بالاستشهاد!

ولكن لا نستطيع أن نغفل حق الذين يعيشون في العالم بعيداً عن الخدمة والتكريس، ولكن يدفعون ضريبة انتمائهم للمسيح في الاضطهاد وعدم الترقِّي وسلب حقوقهم وأموالهم من أجل اسم المسيح الذي يحملونه. كذلك الذين يفضِّلون الالتزام بوصية الله - مهما كانت الخسارة - عن استرضاء الناس أو الأسرة.

الأب متى المسكين

(*) عن كتاب: ”الإنجيل بحسب القديس متى - دراسة وتفسير وشرح“، الطبعة الأولى: 1999، ص 365ــ373.

([1]) بعلزبول: هو إله عقرون (2مل 2:1) وعبادته محسوبة من عبادة الشيطان. وأصل الكلمة: بال - زوباب أي بعل الذباب احتقاراً لهذه العبادة. ومن هنا تأتي تسمية المسيح بهذا الاسم تمادياً في الهزء والاحتقار.

([2]) عصفـور دور إن سقط يُنسى من الناس فقط
يســوع لا ينســاه
قط فكيف ينســــــــاني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abasjern.yoo7.com
 
الاعتراف بالمسيح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي القديس اباسخيرون القليني :: منتدي القديس اباسخيرون العام-
انتقل الى: